يقول: [ومن شعر
عبد الله بن رواحة رضي الله عنه الذي عرَّض به عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته:
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طافٍ وفوق العرش ربُّ العالمينا
وتحمله ملائكة شداد ملائكة الإله مسومينا
ذكره
ابن عبد البر وغيره من الأئمة]
وهذا الأثر أورده المصنف هنا على سبيل الاستشهاد اللغوي لا الشرعي، واللغة يتسامح في إثبات ألفاظها بينما يجب أن يتأكد من الدلالات الشرعية قال
الأرنؤوط : "قال
أبو عمر بن عبد البر في ترجمة
عبد الله بن رواحة في
الاستيعاب (2/287) وقصته مع زوجته حين وقع على أمته مشهورة رويناها من وجوه صحاح، إلا أن
الذهبي تعقبه في
العلو (ص:106) بقوله: (روي من وجوه مرسلة)، ثم ذكرها".
وهذا الأثر ذكره أيضاً
ابن الجوزي رحمه الله في كتاب
الأذكياء وغيره، فهو من حيث الاستدلال اللغوي سائغ أن نستدل به في اللغة، فإذا صحت هذه الوجوه المرسلة أو تضافرت، فهو صالح ليستشهد به على أن هذا الصحابي كان يؤمن بهذه الصفة كما فهمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لدينا شك أن جميع الصحابة الكرام، بل وجميع
السلف الصالح وكل المسلمين الذين يقرءون كتاب الله عز وجل، مؤمنون بالعرش وباستواء الله عليه، لأن ذلك صريح القرآن.
ومعنى قوله: [عرَّض به عن القراءة لامرأته] وذلك أن امرأته رأته وهو فوق جاريته، فأخذتها الغيرة المعروفة عند النساء، فقالت له: لم فعلت هذا؟ فأنكر ذلك رضي الله عنه، فأرادت أن تعرف أصدق أم كذب؛ فقالت: اقرأ القرآن إن كنت صادقاً، لأنها علمت أنه لو كان جنباً فلن يقرأ القرآن، فقال:
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طافٍ وفوق العرش ربُّ العالمينا
وتحمله ملائكة شداد ملائكة الإله مسومينا
قالت: آمنت بالله وكذبت عيني؛ وظنت أنه صادق.
وهو لم يكذب في قوله: (شهدت بأن وعدالله حق)؛ لأنه لم يقل: قال الله تعالى، أو أنا سأقرأ القرآن.
والرواية إن صحت فهي تدل على أنها لم تكن رضي الله عنها تميز الآيات من غيرها. والله أعلم.
فالشاهد من هذه الأبيات أن الدلالة اللغوية واردة وهي قوله:
وأن العرش فوق الماء طافٍ وفوق العرش ربُّ العالمينا
فالعرش حقيقة لغوية كما هو حقيقة في الشرع ولا مجال لتأويله أو إنكاره.